-->
U3F1ZWV6ZTIwMjU4MzgxOTMzMTAyX0ZyZWUxMjc4MDczOTA4MzAwOQ==
اعلان

ماهي القوة الحقيقية ؟

ماهي القوة الحقيقية ؟


 ما هي القُوَّةُ الحَقِيقِيَّةُ؟


 

القُوَّةُ كَلِمَةٌ تتردَّدُ كثيرًا في أحاديثِ الناس، وتُطرَحُ في سياقاتٍ شتَّى، فتارةً تُرادُ بها القُوَّةُ

 الجَسَدِيَّة، وتارةً القُوَّةُ الماليَّة، وأُخرى القُوَّةُ النفوذِيَّة أو السياسيَّة. ولكن، هل هذه هي القُوَّةُ

 الحَقِيقِيَّةُ؟ أم أنَّها مظاهرُ خارجيَّةٌ لا تَعبِّرُ عَن جوهر القوَّةِ في الإنسان؟

 القُوَّةُ فِي المَفهُومِ السُّطْحِيّ

يَظُنُّ كثيرٌ من الناس أنَّ القُوَّةَ تتمثَّلُ في السيطرةِ، وفرضِ الرأي، والقدرةِ على إخضاعِ

 الآخرين، أو في امتلاكِ المالِ والجاهِ والسُّلطة. وهذا فَهمٌ سَطحيٌّ قاصِر، لأنَّه يُركِّزُ على

 المَظهرِ لا الجوهر، وعلى الوسائلِ لا القِيَم.

 القُوَّةُ فِي المَفهُومِ العَميق

القُوَّةُ الحَقِيقِيَّةُ لا تُقاسُ بعضلاتِ الجَسد، ولا بحجمِ الممتلكات، بل تُقاسُ بقدرةِ الإنسان

 على ضبطِ نَفسِه، وتحكُّمِه في عواطفِه وانفعالاتِه، ومواجهتهِ للصِّعابِ دونَ انهيارٍ أو

 استسلام.

 الصَّبرُ: أسمى صُوَرِ القُوَّة

إنَّ من أعظمِ مظاهِرِ القُوَّةِ الحَقِيقِيَّةِ هو الصَّبْر. الصبرُ على البلاءِ، على الظلم، على

 ضغوطِ الحياة، وعلى تأخُّرِ الأُمنيات. الإنسانُ الصَّبورُ لا يُهزم، لأنَّه يمتلكُ قوةَ التحمُّل

 والتَّماسُك، وهذا ما يُمكِّنه من المُضيِّ قُدُمًا حتَّى في أحلكِ الظُّروف.

 الحِكمةُ والتَّوازن

الحِكمةُ أيضًا مظهرٌ من مظاهِرِ القُوَّة، إذ إنَّها تعني القدرة على التَّفكيرِ العَميق، واتِّخاذِ

 القرارِ الصَّائب في الوقتِ المُناسِب. والرجلُ الحَكيمُ قويٌّ لأنَّه يُدرِك متى يتكلَّم، ومتى

 يَصمُت، ومتى يُواجِه، ومتى يتراجع.

 القُوَّةُ فِي التَّأثير

من أبرزِ مظاهِرِ القُوَّة الحَقِيقِيَّة: القُدرة على التأثيرِ الإيجابيِّ في الآخرين. فليس كلُّ من

 يَعلو صوتُه يُقنِع، وليس كلُّ من يأمُرُ يُطاع. القائدُ الحقيقيُّ هو من يُلهِمُ، لا من يُرهِب، من

 يَحفِزُ الآخرين على الخير، لا من يفرضهُ عليهم بالقوة.

 القُوَّةُ فِي العَفو

من أرقى مراتبِ القُوَّة: العَفو عَن القادرِ على الانتقام. لأنَّ الإنسان إذا امتلك القُدرة على

 الرَّدّ، ثُمَّ اختار العَفو، فقد بلغَ ذروةَ النُّبلِ والارتقاء

 القُوَّةُ والنجاح

القويُّ في حياته هو من لا يستسلمُ للفشل، بل يجعلُ منه سُلَّمًا للارتقاء. فالنَّجاحُ لا يأتي إلا

 لمن يمتلكُ قوَّةَ الإرادة، وعَزيمةَ النهوضِ بعد السقوط، ومواصلةَ الطريق رغمَ العوائق.

إنَّ القُوَّةَ الحَقِيقِيَّةَ هي مَزيجٌ من الصَّبر، والحِكمة، والتحكُّم في النفس، والقدرة على

 التحمُّل، والعَفو، والتأثير، والقيادة بالقدوة، وتحقيق النَّجاح رغمَ الصِّعاب.

ليست القُوَّةُ في أن تُرهِبَ الآخرين، بل في أن تُلهِمَهم،

ليست في أن تَفوزَ في المعارك، بل في أن تَمنعَ وقوعها،


وليست في أن تَغلبَ الناس، بل في أن تَغلبَ نفسَك.إنَّ القُوَّةَ الحَقِيقِيَّةَ لا تُرى في لَمحِ

 البَصَر، ولا تُقاسُ بالسُّرعةِ أو الشُّهرةِ أو المالِ، بل هي طاقةٌ داخليَّةٌ سامية، لا يمتلكها إلا

 من روَّضَ نفسَه، وهذَّب شهواتِه، وزكَّى قلبَه.

 القُوَّةُ هي ارتقاءٌ رُوحيٌّ وأخلاقيّ

في زمانٍ يكثرُ فيه الغَضبُ والانفِعال، ويقلُّ فيه التَّروِّي وضَبط النَّفس، تصبح القُوَّةُ

 الحَقِيقِيَّةُ هي أن تَحكُمَ نفسك، لا أن تَحكُمَ غيرك. هي أن تقول "لا" حين تَغري النفسُ بـ

 "نَعم"، وأن تختار الطَّريق الصَّعب لأنَّه أصح، لا لأنَّه أسهل.


فالإنسان القويُّ هو من زكَّى نفسَه، وارتقى بروحِه، وواجهَ ظلمَ الحياة بالعدل، وقسوتَها

 بالرِّفق، وضَجيجَها بالصَّمتِ المُفعمِ بالحِكمة.



 القُوَّةُ لا تُخيف، بل تُلهِم

في نهاية المطاف، القويُّ حقًّا هو من إذا ذُكِر، اطمأنَّ قلبُك، لا خاف. وإذا حضَر، شعرتَ

 بالأمان، لا بالتهديد. لأنَّ القُوَّةَ الحقيقيَّة تُولِّدُ الاحترام، لا الرَّهبة، وتَبعثُ الإلهام، لا

 الخَوف، وتبني، لا تُدمِّر.







بقلم /الكاتبة سيدة حسن






تعديل المشاركة Reactions:
author-img

الكاتبه سيده حسن

انا سيدة حسن محررة وكاتبة صحفية وصاحبة تلك المدونة اعشق الكتابة بمعني أدق الورقة والقلم وسماع القصص والحكايات
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة